الاستبداد منظومة متراكمة من السعي للسلطة عن طريق التغلّب، وإدارتها بطريقة التفرّد والاستحواذ، وقمع المخالف، والتنكيل به، والخوض في المقدّرات العامّة، مع التخطيط لتوريث هذه المنظومة للقريب والشبيه، في إصرار على خنق روح المساءلة والمحاسبة، وتعويم الفساد.
د. حذيفة عكاش
-
-
ماذا يعني تجديد الخطاب الدينيّ؟
إنّ كلمة تجديد (الخطاب الدينيّ) تحدث بشكلٍ فوريّ جدلاً واسعاً بين أطياف عدّة من المهتمّين بالفكر الدينيّ والفلسفيّ، ومن عدّة زوايا، فيراها المحافظون تفريطاً، ويراها السلفيّون ابتداعاً، ويراها التقليديّون استشراقاً واختراقاً، ويراها المجدّدون تنويراً، وتترافق الدعوات للتجديد بالتزامن مع التحوّلات السياسيّة والتاريخيّة الكبرى، مثل ظهور القوميّات، وولادة الدولة الوطنيّة، والانكسارات العسكريّة، أو تلك التي تحدث تحوّلات فكريّة وسياسيّة كحملة (نابليون) على مصر، أو إلغاء منصب الخلافة العثمانيّة 1924، أو نكسة عام 1967، وكذلك دمويّة الأنظمة الاستبداديّة وقمعها للربيع العربيّ. -
منذ إعلان دولة اسرائيل، هرعت الجيوش العربيّة لخوض معركة 1948 مع إسرائيل، والتيّ توّجت بنكبة 1948، واستقرّت بعدها الأوضاع على لاءات العرب، وخطب الملوك والزعماء، في الوقت الذيّ كانت فيه إسرائيل تزيد من حجم المكوّن اليهوديّ، وتستقدم الهجرات من شتّى أنحاء الأرض، حتّى أكملت احتلال القدس، عام 1967، وهزيمة الجيوش العربيّة، ومنذ ذلك الوقت والقدس ترزح تحت الاحتلال الإسرائيليّ المباشر، ولم يتغيّر شيء يذكر عند النظام العربيّ الرسميّ، إلا ما أضيف له بعد قيام ثورة الخمينيّ عام 1979، حيث زاد في أدبيّات المقاومة ضخاً متزايداً من الخطابات والشعارات التي تتوعّد بتدمير إسرائيل، وهزيمة أمريكا، ورفعت شعارات: (الموت لإسرائيل)، وتشكّلت: فيالق تحرير القدس، وجيوش الأقصى، وسمّي يوم القدس العالميّ، وشهر القدس، وأسبوع القدس، وصنعت باسمها الصواريخ، وطبعت باسمها الطوابع، وسُكّت بصورتها العملات، ورسمت قبّتها المذهّبة على شارات البلاد، ولكن على أرض الواقع شيء ما لم يتغيّر، فلا تزال القدس محتلّة، والشرطة الإسرائيليّة على مشارف أبواب الأقصى، وقطعان المستوطنين تداهم الحرم الشريف بين الفينة والأخرى، بمن فيهم جزّار (صبرا) و(شاتيلّا) المجرم (أرييل شارون) رئيس الوزراء الإسرائيليّ السابق …
-
تحت وطأة الصدمات الكبرى، والهجمات المتلاحقة، يلوح خيار الانسحاب من المشهد، والتحيّز لفئةٍ مناصرة، أو التحرّف لخطّةٍ بديلة، ولكن يبقى هذا مفهوماً ضمن الظروف المعتبرة، والأماكن المجاورة لشنّ الهجوم المعاكس، ولا يقبل بتغيير الأرض، والتسليم بالواقع المرّ، قبل استنفاد جميع الوسائل الممكنة.
-
الجهاد مثله مثل بقيّة مبادئ وتعاليم الإسلام، كالعدل والشورى والكرامة والأمانة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يستخلص فهمه من السياق العام للوحي الرساليّ بجانبيه؛ القرآنيّ والسننيّ، ولا يمكن تعريفه أو تفصيله بطريقة انتقائيّة لبعض النصوص، وسحبها من سياقها، أو تضخيم مدلولها على حساب مقارباتها ومفسراتها النصّيّة والعمليّة.
-
قال تعالى في كتابه العزيز: (مَا نَنسَخْ مِنْ آيّة أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ۗ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ/ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيّ وَلَا نَصِيرٍ / أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَىٰ مِن قَبْلُ ۗ وَمَن يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ).
-
يتصدّر الإسلاميّون طليعة المطالبين بالتغيير والإصلاح السياسيّ، منذ مائة عامٍ
تقريباً، بطرقٍ عديدةٍ، وتيّاراتٍ كثيرةٍ، متوافقةٍ ومتباينةٍ، بل ومتحاربةٍ أيضاً،
فينهج الإخوان نهج ما بات يعرف بـ (الإسلام السياسيّ)، أي الوصول للسلطة عن
طريق قواعد اللعبة الديمقراطيّة والانتخابيّة المعاصرة، مع احتفاظهم بالمطالبة
بسقف مرجعيّ دستوريّ، يعبّرون عنه بأنّه دولة مدنيّة بمرجعيّة إسلاميّة. -
أكتب هذه المقالة من مدينة مراكش في زيارتي الثالثة للمملكة المغربية، والتي حاولت فيها أن
أستمع لشهادات مختلفة عن التجربة الإسلامية في هذا البلد العريق والمتميّز بثقافته الجامعة بين
أصالة (أمير المؤمنين) وحداثة (النظام الديمقراطي)، مع مسحة حضاريّة ملموسة في السلوك
والتعامل اليومي ومفردات التعبير البياني والعمراني. -
لماذا اجتاحوا فسطاط المسلمين؟ ولماذا لا تنزل الطير الأبابيل؟
على شواطئ البحار الهادرة، وعلى وقع صدمات الأمواج العاتيّة، ومع كل محنةٍ تحاصر جزءاً من جغرافيّة المسلمين، فتوقع أبناءها بين قتيل وجريح ومُهجَّر، ووطن مدمَّر، ودولةٍ فاشلة، تتصاعد الأصوات من الحناجر المبحوحة:
لماذا لم ينصرنا الله؟ لماذا سقطت كابول وبغداد وصنعاء ؟ -
تعرّف المشكلة بأنّها: كلّ موقف غير معهود، لا يكفي لحلّهِ الخبرات السابقة والسلوك المألوف، وهي عائق في سبيل هدف منشود.
ولأنّ الإنسان يتعرّض في حياته للعديد من الأحداث، والمواقف الجديدة، يعدّ تعرّضه للمشاكل أمراً بدهيّاً، وهذا ما ينبغي علينا أن نوطّن أنفسنا عليه، فلا أعلم أنّ إنساناً ما عاش حياته بدون التعرّض للمشاكل أو التحدّيات في حياته.