دراسات حول الفاصلة القرآنية
الفاصلة القرآنية: كلمةُ آخرِ الآيةِ كقافيةِ الشِّعر وسَجْعَةِ النَّثرِ، يَقعُ بها إفهامُ المعاني.
والفاصلةُ: هي الكلامُ المنفصلُ عمَّا بعدهُ، والكلامُ المنفصلُ قد يكونُ رأسَ آيةٍ وغيرَ رأسِ آيةٍ، وكذا الفواصلُ تكونُ رأسَ آيةٍ وغيرَها، وكلُّ رأسِ آيةٍ فاصلةٌ، وليسَ كلُّ فاصلةٍ رأسَ آيةٍ.
ولمعرفةِ الفواصِل طريقين: السَّماعُ والقياسُ.
فمَا وَقَفَ عليه ﷺ دائماً تحقَّقنا أنـَّه فاصلة، وما وَصَلَهُ دائماً تحقَّقنا أنه ليس بفاصلة، وما وَقَفَ عليه مرَّةً ووَصَلَهُ أُخرَى احتَمَلَ الوقفُ أنْ يكونَ لتعريفِ الفاصلةِ، أو لِتَعريفِ الوقفِ التَّامِّ، أو للاستراحةِ. والوَصلُ أنْ يكونَ غيرَ فاصلةٍ، أو فاصلةً وصَلَها لتَقَدُّم تعريفها أو علَى الأصلِ، فحَصَل التَّردُّدُ، وحينئَذٍ احتيج إلى القياسِ.
وقدْ يُرتَكَبُ للفاصلةِ أمورٌ تخالفُ الأصولَ منها:
- حذفُ ياءِ المنقوصِ، مثل: (الرعد: 9)، و (غافر: 32).
- حذف ياء الفعل غير المجزوم، مثل: (الفجر: 4).
- حذف ياء الإضافة، مثل: (القمر: 16)، (الرعد: 32).
- زيادة حرف المد، مثل: (الأحزاب: 10)، و (الأحزاب: 66)، و (الأحزاب: 67).
- صرف ما لا ينصرف، مثل: (الإنسان: 15-16).
- إيثار التذكير، مثل: (القمر: 20).
- إيثار التأنيث، مثل: (الحاقة: 7).
- الاستغناء بالإفراد عن التثنية، مثل: (طه: 117).
- الاستغناء بالإفراد عن الجمع، مثل: (الفرقان: 74)، و (القمر: 54).
- الاستغناء بالجمع عن الإفراد، مثل: (إبراهيم: 31).
- إجراء غير العاقل مجرَى العاقل، مثل: (يوسف: 4)، و (الأنبياء: 33).
- الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه، مثل: (طه: 129).
- وقع الفاعل موقع المفعول، مثل، (الحاقة: 21)، و (الطارق: 6).
- إيقاع حرف مكان غيره، مثل: (الزلزلة: 5)، والأصل إليها.
- إثبات هاء السكت، مثل: (الحاقة: 28)، و (الحاقة: 29)، و (القارعة: 10).
- العدول عن الماضي إلى المضارع، مثل: (البقرة: 87).
اهـ ملخصاً من (الزيادة والإحسان في علوم القرآن) لابن عقيلة المكي، النوع الثمانون، علم فواصل الآي 3/487، وأزيد عليها:
أ – الفصل ما بين:
- الجار و المجرور ومتعلقه برقم الآية، مثل: آل عمران، و ، و هود، و الحجر، و ، و ، و الروم، و يس، و ص، و غافر، و المعارج، و المدثر.
- وبين المستثنى والمستثنى منه، مثل: المؤمنون.
- ومابين الشرط وجوابه، مثل: الحجر، و الصافات، و الانشقاق، و و القارعة.
- وما بين القول ومقول القول، مثل: ، و الصافات، و الدخان.
- وبين المبتدأ والخبر، مثل: الدخان، و و الواقعة.
- وبين الصفة و الموصوف مثل: الدخان.
- وبين الفعل (أو المصدر) ومفعوله، مثل: البلد، و العلق.
ب – السُّورةُ الواحدةُ لا تَلتَزمُ فاصلةً واحدةً، عدا القليل منها وهي: (الكهف، الفتح، القمر، المنافقون، الطلاق، الجن، الإنسان، الأعلى، الشمس، الليل، القدر، البينة، العصر، الفيل، الكوثر، الإخلاص، الناس)، وقد تصل الفواصل إلى 12 فاصلة (كما في سورة هود).
ج – خُتِمَتْ الفاصلةُ القرآنيةُ بالمدِّ العارضِ للسُّكون أو مدِّ العِوَض حتَّى سورة محمَّد()، (أما مدُّ اللِّين ففي سورة قريش فقط)، وحِكمَةُ الخَتْم بالمدِّ (كما قال ابن عقيلة) وجودُ التَّمَكُّنِ من التَّطريبِ بذلك، لأنـَّهم إذا ترنـَّموا أَلحقُوا الألِفَ والياء والنُّونَ.
د – استَخدَمَت الفَواصِلُ القرآنيَّةُ جميعَ حروفِ العربية عدا الخاء والغين.
هـ – كَثـُر في القرآن خَتْمُ الفاصلةِ بالنُّونِ، والأَلِفِ، والميمِ، والرَّاءِ. فقد كررت النون 3126 مرة أي 50%، والألف 1192 أي 19%، والميم 663 أي 11%، والراء 451 أي 7%، أما الدال فـ 199 والباء 162 والتاء 156 أي 3% لكل منها، بينما كررت اللام 67 مرة أي 1%، وكررت الهاء 48، والقاف 40، والياء 25، والظاء 13، والعين 13، والطاء 12، والهمزة والزاي والسين 10 مرات لكل منها، والجيم 9، والصاد والكاف 8 مرات لكل منها، والفاء 4، والثاء والذال والشين والواو مرتان لكل منها، والحاء والضاد مرة واحدة، علماً بأن عدد آيات القرآن هو 6236 آية.
و – الفاصلةُ القرآنيَّةُ المختومةُ بالنُّون يأتي معها الفاصلة المختومة بالميم غالباً إلا في: (الرعد، طه، محمد، النجم، المنافقون، المزمل، المدثر، عبس، الغاشية، البلد، العلق، الزلزلة).
ز – السُّوَرُ الـمُختَلَفُ في عدد آياتها 70 سورة، والمتفق عليها 40، وأربعة اختلف في أماكن فاصلتها ولم يختلف في عددها وهي: (القصص – العنكبوت – الجن – العصر) كما قال ابن عقيلة في كتابه الزيادة والإحسان، النوع الثامن والثلاثون 2/46.
ح – الحروف المقطعة في فواتح بعض السور آية بنفسها في (19) سورة وهي (البقرة، آل عمران، الأعراف، مريم، طه، الشعراء، القصص، العنكبوت، الروم، لقمان، السجدة، يس، غافر، فصلت، الشورى، الزخرف، الدخان، الجاثية، الأحقاف)، وبعض آية في 10 سور وهي: (يونس، هود، يوسف، الرعد، إبراهيم، الحجر، النمل، ص، ق، القلم) .
وذكر ابن عقيلة في النوع الرابع والثلاثون من كتابه 1/453 أن حروف فواتح السور وَجْهُ عدّها آية استقلالها ومناسبة الفاصلة (قلت: لكن هذا لا ينطبق على سورة الأعراف ومريم والشورى)، وجه عدم عدّها الاختلاف في الكلمة (قلت: وهذا لا ينطبق على سورة النمل و ص و القلم).
مقترحات:
- آل عمران، الآية 3: يوضع الرقم عند كلمة (الْفُرْقَانَ) في الآية 4 لاستواء المعنَى، ومناسبة الفاصلة.
- هود، الآية 54: يوضع الرقم عند كلمة (مُّؤْمِنِينَ) في الآية 86 لاستواء المعنى، ويحذف رقم الآية 54 ورقم الآية 96.
- طه، الآية 92: يلغى ترقيمها لترابط المعنى، ومناسبة الفاصلة.
- النور، الآية 36: يلغى ترقيمها لترابط المعنى، ومناسبة الفاصلة.
- الشعراء، الآية 49: تحتاج لفاصلة عند قوله تعالى (فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ)، ويلغى رقم الآية 92 لترابط المعنى.
- الروم، الآية 2: يوضع الرقم عند كلمة (سِنِينَ) في الآية 4 لترابط المعنى، كما يلغى ترقيم الآيتين 3 و4، فالسورة مختلف في عدد آياتها.
- الصافات، الآيات 22، 151، 167، 168: يلغى ترقيمها كلها من أجل ترابط المعنى، والسورة مختلف في عدد آياتها.
- غافر، الآية 71: يوضع رقمها عند كلمة (فِي الْحَمِيمِ) في الآية 72 لترابط المعنى، وآية 73 يلغى ترقيمها لترابط المعنى، والسورة مختلف في عدد آياتها.
- الدخان، الآيات 34، 43، 45: تلغى ترقيماتها لترابط المعنى، والسورة مختلف في عدد آياتها.
- القيامة، الآية 26: يلغى ترقيمها لمناسبة الفاصلة.
ماجد الحموي